ابليس وكذباته الخمسة






تأتي أيام في مملكة شعب الله القديم المسماة يهوذا، وتحدث لها نهضة عظيمة. تلك النهضة التي حدثت نتيجة لتولي ملك تقي على كرسي العرش. ذلك الملك الذي عمل المستقيم في عيني الرب حسب كل ما عمل داود أبيه (2مل 18: 3) إنه حزقيا بن آحاز.
ونتيجة لتلك النهضة التي فيها أزال المرتفعات وكسّر التماثيل وقطع السواري وسحق حية النحاس التي عملها موسى لأن بني إسرائيل كانوا إلى تلك الأيام يوقدون لها.. التصق حزقيا بالرب ولم يحد عنه بل حفظ وصاياه التي أمر بها الرب موسى.. وكان الرب معه فحصد النجاح بعد النجاح (2مل 18: 1-8).

وفي ذلك الإصحاح الغني بالمعاني نجد صورتين في غاية الأهمية. الصورة الأولى هي صورة النهضة التي تمت على يد الملك حزقيا فانتعشت مملكة يهوذا جداً وكان الرب معها وحفلت بالانتصارات.. والصورة الأخرى هي صورة مملكة إسرائيل التي أصرت على فعل الشر أمام الرب فدُمرت على يد مملكة آشور وسبي شعبها إلى مملكة آشور.

ولكن الشيطان لا بد وأن يتحرك مع النهضة.. لابد أن يبذل مجهوده حتى يعطل تلك النهضة.. فحاولت مملكة آشور أن تدخل يهوذا، وبالفعل حاصرت المدينة أياماً عديدة في جيش عظيم وخرج قائد الجيش يهدد ويتوعد الشعب والملك حتى يستسلموا إلى تلك المملكة، وعندما تكلم قائد الجيش كذب على الشعب خمس كذبات، هذه الكذبات كثيراً ما يستخدمها الشيطان عندما تحل بنا ضيقة..
ففي وسط الحصار والشعب والقادة خائفون قال قائد الجيش:  

1 .أي إعداد فعلتوه لكي تنتصروا لن يجدي، أنتم مهزومون لا محالة.. فعلى أي شيء أتكلتم؟!! كل هذا لن يجدي؟، لا على دولة صديقة، ولا على قوتكم، ولا على الرب يمكن أن يجدي (ع19).

2. الدولة التي اتكلت على معونتها أضعف من أن تحميك (ع20) "فَالآنَ هُوَذَا قَدِ اتَّكَلْتَ عَلَى عُكَّازِ هذِهِ الْقَصَبَةِ الْمَرْضُوضَةِ" (يقصد مصر).

3.هزيمتك آتية لا محالة فقوتنا (قوة الأعداء) عظيمة، وحتى لو كان لديكم السلاح أنتم لن تستطيعوا استخدامه "وَالآنَ رَاهِنْ سَيِّدِي مَلِكَ أَشُّورَ، فَأُعْطِيَكَ أَلْفَيْ فَرَسٍ إِنْ كُنْتَ تَقْدِرُ أَنْ تَجْعَلَ عَلَيْهَا رَاكِبِينَ" (ع23).

4. الرب قال لي إني سأهزمكم (وَالآنَ هَلْ بِدُونِ الرَّبِّ صَعِدْتُ عَلَى هذَا الْمَوْضِعِ لأَخْرِبَهُ؟ اَلرَّبُّ قَالَ لِي اصْعَدْ عَلَى هذِهِ الأَرْضِ وَاخْرِبْهَا).

5.لا تسمعوا لمرشدكم الذي يحاول أن يجعلكم تلتصقون بالله. وَلاَ يَجْعَلْكُمْ حَزَقِيَّا تَتَّكِلُونَ عَلَى الرَّبِّ قَائِلاً: إِنْقَاذًا يُنْقِذُنَا الرَّبُّ وَلاَ تُدْفَعُ هذِهِ الْمَدِينَةُ إِلَى يَدِ مَلِكِ أَشُّورَ (ع 30).

في الواقع لا أريد أن أكتب كل النصوص التي تحوي هذه المعاني، إذ أنها نصوص طويلة، ولكن يمكنك أيها العزيز القاريء أن ترجع الى النص في سفر ملوك الثاني إصحاح 18 وتقرأها...
ولكننا نلاحظ أن ملك آشور حاول أن يكذب تلك الكذبات الخمس لكي ينقص من معنويات الشعب فيستسلمون له.

ولكن لما سمع حزقيا هذا الكلام، أول شيء عمله أنه دخل بيت الرب ورفع صلاة إليه لكي يحميه.. وكانت استجابة الرب في منتهى السرعة لأنه في نفس الليلة أرسل الرب ملاكه لكي يُظهر قوته، ويؤكد كذب الأعداء. لنقرأ معاً الذي حدث: "وَكَانَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ أَنَّ مَلاَكَ الرَّبِّ خَرَجَ وَضَرَبَ مِنْ جَيْشِ أَشُّورَ مِئَةَ أَلْفٍ وَخَمْسَةً وَثَمَانِينَ أَلْفًا. وَلَمَّا بَكَّرُوا صَبَاحًا إِذَا هُمْ جَمِيعًا جُثَثٌ مَيْتَةٌ فَانْصَرَفَ سَنْحَارِيبُ مَلِكُ أَشُّورَ وَذَهَبَ رَاجِعًا وَأَقَامَ فِي نِينَوَى.. وَفِيمَا هُوَ سَاجِدٌ فِي بَيْتِ نِسْرُوخَ إِلهِهِ، ضَرَبَهُ أَدْرَمَّلَكُ وَشَرَآصَرُ ابْنَاهُ بِالسَّيْفِ، وَنَجَوَا إِلَى أَرْضِ أَرَارَاطَ. وَمَلَكَ آسَرْحَدُّونُ ابْنُهُ عِوَضًا عَنْهُ" (2 مل 19: 35-37).
***
في الواقع هذا ما يفعله الشيطان معنا فنحن عندما نرفع قلوبنا أمام الله طالبين توبة حقيقية لا يرضى الشيطان عن هذه النهضة فيحاصرنا بكثير من الأساليب يحاول أن يوهمنا أنه قادر على الإيقاع بنا. هذا الوهم دائماً يتمثل بتلك الأكاذيب الخمس فيقول:
1.أمام تلك التجربة العاصفة الاتكال على الرب لن يجدي بل علينا أن نفكر بأسلوب عملي ولا داعي للفلسفة غير العملية.
2. لن تجد الله بالقوة الكافية أمام تلك التجربة.
3.الهزيمة لا بد وأن تأتي.
4.من أدراك أن هذا العمل ليس بترتيب من الله وإرادته أن أنهزم!!
5. الذي ينصحك بالاتكال على الرب ليس في نفس موقفك.. ولو كان في موقفك لتغير رد فعله تماماً.
***
عزيزي
ليتك تقرأ سفر الملوك الثاني الإصحاحين الثامن عشر والتاسع عشر لتفهم القصة جيدا.
وتعليقي على هذه القصة هو
في حياتي واجهت ما أسميه جيش سنحاريب.. وكدت أقع في اليأس.. وجاءني الشيطان بتلك الأكاذيب الخمس.. ولكن عظمة الله ومحبته وعنايته جعلت جيش سنحاريب  الخاص بي (تجربتي) يموت بصورة لا تصدق. وانتصرت بقوة عجيبة في هذه التجربة.
صديقي
هل واجهت يوماً ما قوة مضادة تشبه قوة سنحاريب؟! جرب ما فعله حزقيا.. اتجه إلى الله وصلي.. وأنا أثق تماماً أن الله سيرسل ملاكه ويقتل جيش الحصار.. وستنتصر

لأن إلهنا إله انتصار وليس إله هزيمة
فقط، ضع ثقتك في قوته
لا تستمع إلى أكاذيب العدو
عندئذ ستتمتع بنشيد الانتصار
له كل المجد